((ثقب في الجدار))
سكن الكون وغطّى
ظُلمُه وهجَ الظلام
كلهم باتوا سكارى
كلهم صاروا نيامْ
لم يعُدْ ثمة نور
لا نجومٌ.. لا شعاعٌ.. لا قمرْ
لم يعُدْ إلا
الظلامْ..!
وجدارٌ لاح لي في عتمة الليل العنيدْ
وسمعتْ..!
صوتها يعلو كما وحي نشيدْ
ملؤه حبٌّ ووهجٌ
ملؤه روحٌ.. ووحيٌ..
وحياةْ
صوتها كان سعيدْ:
نامي يا أمي جواري
واحضني هذي الأناملْ
كفكِ الدّفء.. وعيناك جداولْ
ضمّةٌ منك وحسبي
نَفَسٌ مازال يناضلْ
انظريني ياحبيبةْ
أنا مازلت قريبةْ
أنا مازلتُ
ومازلتُ
ولكنْ..!
فجأةٌ عمّ سكونٌ من جديدْ
تخْتَرقْهُ حرقة حرفٍ
ونشيجْ
وتقدمتُ إلى ذاك الجدارْ
خطوةٌ فيها حياةٌ
خطوةٌ فيها إسارْ
خطوةٌ أخرى ويكفي
لأصلْ حيث الجدارْ
حيث المرارْ..
ويحهُ هذا الجدارْ!!
ويحهُ هذا الجدارْ!!
وتلفتُّ سريعاً
ذاك ثقبٌ مستدارْ
هزّني الخوف للحظة
راعني صمت النهارْ..
واقتربتُ..
ثم ألصقت عيوني بالجدارْ..
يا إلهي ما الذي حلّ وصارْ..؟؟!!
شُلّت الأقدام مني..
فاضت العين بدمعي..
قبل لحظةْ..
كان سمعي يطربُ للصوت ويرقصْ..
كان قلبي يرسم حلماً ويشخّص..
راقَ لي السمعَ ولم أقوَ النظرْ..
طفلةٌ مثلُ الزّهَرْ
وجنتاها في خَفَرْ..
لعبتها في صدرها
يدها الأخرى تناغي..
شَعَراتٌ فوق وجهٍ كالقمرْ..
تبِعَتْ عيني يديها..
لهناكْ
حيث كان المستقرْ..ّ!
يا لهاتيك الأناملْ
تعزف لحناً من خمائلْ
فوق وجه الأم كانت
يدها تربت حُبّاً
تُنبتُ حَبّاً وسنابلْ
جسد الأم مسجّىً بجوار الصَخَراتْ
همهمات البنت مازالت معاولْ..
تكسر الصمتَ نشيجاً وتقاتلْ..
مدّت الكفّ وقالت:
ربّي إني أُقسِمُ اليومَ بأُمي
وبآلامي وضَيْمي...
وبآهات الثكالى والأراملْ..
وبدمٍّ أُهرِق اليوم كما الماء على هذا الترابْ
أُقسم الآن بربّي،
وبدمعٍ خرق الوجنةَ منّي...
أنّني كلّي لأُمي
لترابي.. ولأرضي..
وجّهَتْ مقلتَها نحو الجدارْ
عينُها كانت مراراً
قلبُها دمٌّ ونارْ..
ثم سارت نحو ذاك الثقب في قلب الجدارْ:
أيّها الثقب أَعنّي
ما مصير الخوفِ والحزنِ سوى
بئْس القرارْ
أنت يالون المرارْ
ضربةٌ مني.. ومنه.. ومنها
ضربةٌ منّا ستودي بك نحو الانهيارْ
ياجداراً يسرقُ الحلمَ
ويجتثُّ النهارْ
وأنا مازلتُ كباقي إخوتي
أنظرُ الطفلةَ من خلفِِ الجدارْ..!
لذتُ بالصمت كثيراً..
وابتعدتُ..
ورحلتُ..
هزّةٌ هزّت كياني..
يا إلهي..
إنهُ ضوءُ النهارْ..
لا جدارٌ.. لا دموعٌ.. لا مرار..!!
كان حُلماً؟
كان حلماً؟
كان ثُقباً في المسارْ...!
دمتم بود